الكتب

يتناول الكتاب سوسيولوجيا التنمية من حيث مفاهيمها الأساسية، وقضاياها الإشكالية، واتجاهاتها النظرية الحديثة، ومقارباتها الجديدة، ومن حيث تطورها بحسب تحولات السياق العالمي، ومهامها النقدية ورهاناتها الحالية والمستقبلية، وذلك من خلال خمسة محاور يتم فيها تناول مفهوم التنمية من منظور السوسيولوجيا الكلاسيكية، بالتركيز على مساهمتي كل من كارل ماركس وماكس فيبر في فهم التنمية الرأسمالية في المجتمع الأوربي؛ كما يتم تناول الاتجاهات السوسيولوجية الحديثة في دراسة التنمية التي ظهرت منذ النصف الثاني من القرن العشرين. ويتطرق الكتاب إلى معالجة سوسيولوجيا التنمية في علاقتها بالتحولات العالمية المعاصرة، وما أفرزته من مواقف متباينة تجاه العولمة. كما يتم تناول المقاربات الجديدة للتنمية، مثل: المقاربة الترابية، فالمقاربة الثقافية (المقاربة التشاركية نموذجا)، ثم المقاربة السياسية. وفي الأخير يعرض الكاتب وجهة نظره حول المهام النقدية لسوسيولوجيا التنمية، من خلال إبراز خصوصية الدراسة السوسيولوجية للتنمية، وتحديد المهام النقدية لسوسيولوجيا التنمية. أما المهمة الأخيرة لسوسيولوجيا التنمية، فهي أن تكون محاولة في التركيب بين كل الدراسات والبحوث حول التنمية، في علم الاجتماع أو في مختلف العلوم الاجتماعية، مما يمكن أن يساهم في ردم الفجوة القائمة بين كل هذه الأعمال والدراسات، ولم شتات نتائجها في أعمال كاملة.

الأفكار الأساسية للكتاب

تعتبر سوسيولوجيا التنمية علما حديث النشأة. كما تعتبر أداة تغير حاسمة في يد السوسيولوجيا وفي يد المجتمعات غير النامية. ورغم أننا تجاوزنا السوسيولوجيا الكلاسيكية بمراحل، فإنه لا ينبغي تجاهل الموقع الذي تحتله أفكار كل من كارل ماركس وماكس فيبر في ما يتعلق بفهم التنمية الرأسمالية في المجتمع الأوربي. وقد ظهرت الاتجاهات السوسيولوجية الحديثة في دراسة التنمية منذ الحرب العالمية الثانية، من خلال تيارين متعارضين، الأول يمتح من نظريات ومفاهيم التنمية الرأسمالية، ويخضع في معظمه لهيمنة النزعة الغربية المتمركزة حول ذاتها. أما التيار الثاني فهو يشمل الاتجاهات التي تبنت خلفية ماركسية محدثة، ونظرت إلى التنمية في ضوء مفاهيم الانتقال إلى نموذج للتنمية غير الرأسمالية.

ومنذ نهاية القرن العشرين فرضت التحولات العالمية على سوسيولوجيا التنمية إعادة النظر في مفاهيمها، بما يتلاءم مع ظاهرة العولمة وانعكاساتها؛ وقد أفرز مفهوم العولمة في الدراسات السوسيولوجية المعاصرة للتنمية عموما موقفين متمايزين: الموقف الليبرالي الذي يدعو إلى الاندماج في نظام العولمة، وموقف الخصوصية الذي يدعو إلى الانكفاء على الذات وانتهاج سياسة حمائية. أما موقف الخصوصية في صيغته الماركسية المتطورة، فهو ينظر إلى العولمة بوصفها توسيعا لعلاقات القوة، وتعميماً النموذج الرأسمالي اقتصاديا وثقافيا على مستوى العالم كله.

– وفي الوقت الحاضر، أصبح النقاش حول نظريات واستراتيجيات التنمية يطرح بصياغات وعبارات جديدة، أهمها التوسيع الفعال لقواعد التنمية حتى تشمل كل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والمجالية. وقد أفرزت هذه التحولات مقاربات جديدة للتنمية، أهمها: المقاربة الترابية، فالمقاربة الثقافية، ثم المقاربة السياسية.

– تتمثل المهام النقدية لسوسيولوجيا التنمية في إبراز خصوصية الدراسة السوسيولوجية للتنمية وتميزها عن غيرها. كما تتجلى في ممارسة النقد السوسيولوجي للخطاب العلمي حول التنمية ( لعلماء الاجتماع أنفسهم، وللعلوم الاجتماعية الأخرى) من جهة، ونقد مختلف الخطابات الاجتماعية المعنية بقضايا التنمية من جهة ثانية، ثم نقد التجربة والممارسة التنموية ميدانياً وعلى أرض الواقع من جهة ثالثة.

– وأخيرا يجدر بالدراسة السوسيولوجية للتنمية أن تكون، حاليا ومستقبلا، بمثابة محاولة في التركيب بين مجموع نتائج الدراسات والبحوث حول التنمية، في علم الاجتماع أو في مختلف العلوم الاجتماعية، مما يمكن أن يساهم في رصد الاتجاهات الكبرى حول مفهوم وواقع التنمية، وفي ردم الهوة القائمة بين كل هذه الأعمال والدراسات، ولم شتات نتائجها في أعمال موحدة كاملة.

Shopping Cart